الحديث التاسع - كتاب القصاص - المجلس الثاني عشر => كتاب القصاص ۞ المجروحين لابن حبان - المجلس الرابع => المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين ۞ المجروحين لابن حبان - المجلس الخامس => المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين ۞ المجروحين لابن حبان - المجلس السادس => المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين ۞ دفع اللجاج عن صحيح مسلم بن حجاج => الخـطب والـدروس ۞ المجروحين لابن حبان - المجلس السابع => المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين ۞ المجروحين لابن حبان - المجلس الثامن => المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين ۞ المجروحين لابن حبان - المجلس التاسع والأخير => المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين ۞ فضائل رمضان لابن أبي الدنيا => الخـطب والـدروس ۞ فضائل رمضان للمقدسي => الخـطب والـدروس ۞
مساوئ الأخلاق للخرائطي السيرة النبوية الصحيحة من مصادرها الأصلية كتاب القصاص
القائمة الرئيسية
 
 
البحث
 
البحث في
 
القائمة البريدية
 

أدخل بريدك الالكتروني لتصلك آخر اخبارنا
 
عدد الزوار
  انت الزائر :193635
[يتصفح الموقع حالياً [ 28
الاعضاء :0الزوار :28
تفاصيل المتواجدون
 

شبهة حول الخروج

الفتوى
شبهة حول الخروج
7756 زائر
22-10-2012
الدكتور صبري عبد المجيد
السؤال كامل
نرجو من فضيلة الدكتور صبرى ردا تأصيليا على هذا الحديث واحتساب الأجر فى الرد -بارك الله فيكم ونفع بكم- قال الألباني في السلسلة الصحيحة 4 / 398 أخرجه أبو يعلى في مسنده ( 4 / 1779 ) من طريق هشام بن سعد عن ابن عقبة عن معاوية بن أبي سفيان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن لولا أن ابن عقبة لم أعرفه . لكنه قد توبع ، فأخرجه أبو يعلى أيضا ( 4 / 1781 ) من طريق ضمام بن إسماعيل المعافري عن أبي ( قبيل ) قال: خطبنا معاوية في يوم جمعة ، فقال : إنما المال مالنا و الفيء فيئنا ، من شئنا أعطينا و من شئنا منعنا ، فلم يرد عليه أحد ، فلما كانت الجمعة الثانية قال مثل مقالته ، فلم يرد عليه أحد ، فلما كانت الجمعة الثالثة قال : مثل مقالته ، فقام إليه رجل ممن يشهد المسجد ، فقال : كلا بل المال مالنا و الفيء فيئنا من حال بينه و بيننا حاكمناه بأسيافنا ، فلما صلى أمر بالرجل فأدخل عليه ، فأجلسه معه على السرير ، ثم أذن للناس فدخلوا عليه ، ثم قال : أيها الناس إني تكلمت في أول جمعة فلم يرد علي أحد ، و في الثانية ، فلم يرد علي أحد ، فلما كانت الثالثة أحياني هذا ، أحياه الله ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيأتي قوم يتكلمون فلا يرد عليهم يتقاحمون في النار تقاحم القردة ، فخشيت أن يجعلني الله منهم ، فلما رد هذا علي أحياني أحياه الله ، و رجوت أن لا يجعلني الله منهم . وأخرج المرفوع منه الطبراني في الأوسط ( رقم - 5444) و الزيادة له ، و قال : لم يروه عن أبي قبيل إلا ضمام . قلت : و هما ثقتان ، على ضعف يسير في الأول منهما . و الحديث قال الهيثمي في المجمع ( 5 / 236 ) : رواه الطبراني في الكبير و الأوسط و أبو يعلى ، و رجاله ثقات .
جواب السؤال

وصايا ونصائح وتحذيرات
1- أوصي نفسي وشيوخ مصر لا سيما شيوخ تلك الأيام الغابرة بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، وبالتزام منهج سلفنا الصالح أهل السنة والجماعة، فكله مسطور محفوظ، فليطلب من مصادره الأصلية، ولينشر على العالمين، لأنه قلب الميزان القائم على كفتين إحداهما القرآن، والأخرى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذلك لكشف الأفكار والأحوال.
2- أوصي بضرورة التلقي عن شيوخ أهل السنة والجماعة أهل الحق الذين تربوا على أمثالهم، وهكذا، لأن هذا العلم دين فلينظر أحدكم عمن يأخذ دينه، ذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ورَّث شريعته بيضاء نقية ليلها كنهارها لأصحابه الكرام رضي الله عنهم جميعًا، والصحابة ورَّثوها كذلك للتابعين لهم بإحسان، والتابعون المحسنون ورَّثوها كذلك لمن تبعهم بإحسان، وهكذا إلى يومنا هذا، فالخالف الصالح البار يتبعهم.
3- أوصي بالاتباع، كل من أطلق لحيته وقصَّر ثوبه ولبس عمامته وارتقى المنبر خطيبًا، وجلس في المسجد مدرسًا وعلا صوته، وانتفخت أوداجه، أوصيه بإتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وأوصيه بوصية الإمام الأوزاعي رحمه الله:" اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم ". وأحذره من التقليد الأعمى للأشخاص المعاصرين كان من كان، فبمعرفة الحق يُعرف أهله.
4- أوصي أحبابي طلاب العلم المخلصين المجدين بعدم الإكثار على خصمك المتمرد على طريق الحق والهدى بالأدلة، فإنه يشوش عليك، ولكن اطلب منه الدليل، فإنك تعجزه ويُحسم لك الحوار، وتفوز باللقاء غالبًا.
5- أوصي بحفظ الفرق بين الشبهة والدليل، كي لا يتلاعب بك الفقراء الضعفاء المتلونون. فالشبهة لها طريقان:
أحدهما: الاستدلال بالنص الثابت في غير محله.
والآخر: الاستدلال بالنص غير الثابت في محله.
والدليل: الاستدلال بالنص الثابت في محله.
6- أوصي الشباب الذي اهتم بمظهر السنة أن يهتم بطلب العلم من مصدره الأصلي العالي حتى لا يكون ألعوبة للمتلاعبين باسم الدين المسوِّحين لأحكامه وضوابطه، وليبحث عن الحقيقة، وليكن كسلمان الفارسي رضي الله عنه.
7- أوصي جميع العاملين في الدعوة بالكلام أو التصنيف بلزوم الأمانة في النقل، ما لك وما عليك، ثم اضبط المسألة إن استطعت، وإلا فلا تورط نفسك في شيء لا تتقنه، فتضل وتضلل، وتفسد وتُفسد.
8- أوصي بشيوخ الأثر والاتباع العاملين بها، الداعين إليها.
9- أنصح كل من يتصدر للكلام في الدين بدراسة العقيدة، وأصول السنة لأئمة السنة من مصادرها الأصلية، ولا يجوز تغييبها.
10- وأنصحهم بضرورة دراسة الفرق التي تنتسب إلى الإسلام وموقف الإسلام منها، لتنزيلها على الواقع بجامع الشبه والتلازم حتى تحذر.
11- وأنصحهم بدراسة التاريخ والسيَر على قواعد المحدِّثين، لأن الاحتطاب فيها مخذل ومضيِّع للهوية.
12- وأنصحهم بدراسة أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة قبل دراسة الفقه وبدراسة مصطلح الحديث وعلم الرجال والعلل، قبل دراسة الفقه المقارن.
13- وأنصح كل من تعلَّم أو يعلِّم أصول الفقه نظريًا بدراسة الفقه المقارن، والنظر في الحياة العملية عند الأئمة الكبار الحُفَّاظ الذين جمعوا بين الرواية والدراية، والربط بين الواقع العملي والنظري، يفقه كثيرًا مما علمه أو غاب عنه.
14- وأنصح كل من تعلَّم أو يعلِّم أصول ( مصطلح ) الحديث، الدراسة العملية فيه، يفقه كثيرًا مما علمه أو غاب عنه.
15- أنصح كل من يكتب كتابًا أو كتيبًا أو مطوية أو مقالة، أن يتبع التثبت، والتحرير والتنقيح والتحقيق، فهذا طريق طالب العلم المتبع، وإلا فهو مقلد، فلا يفرح بما كتب ولا يعد نفسه من أهل العلم.
16- وأنصح كل من يُدرِّس الفقه بضرورة الإلمام بالآتي:
1- أصول كل مذهب.
2- أصول الفقه، وليحذر آراء المتكلمين المعتزلة.
3- أصول الحديث.
4- كيفية فهم كلام الأئمة، وعلى أي شيء بنوه.
5- الاعتقاد بأن الإمام لا يقدَّس، وإنما يُتبع، واتباعه في اتباع قول الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وما اتفقوا ( أجمعوا ) عليه يجب التسليم له والإتباع.
6- قدرته على الترجيح بين أقوال الأئمة في المسألة، ففيها الراجح والمرجوح، والصواب والخطأ، والصحيح والشاذ، عندئذ هو طالب علم متبع وليس مقلدًا، والتقليد الأعمى مذموم مخذول، وفاعله ليس من أهل العلم ولا طلابه.
17- أنصح الشباب المتشايخ المغرور، الذي عاش على فتاوى الآخرين لاسيما شيوخ آخر الزمان!!، فليخرجها على أصولها إن استطاع، وأنَّى له ذلك ؟!، فليحسن إلى نفسه، وليدرأ عنها الإهانات، وليتعلم قبل أن يتكلم، فكل يوم بمقدار، والله المستعان وعليه التكلان، ونعوذ بالله من الخذلان وسوء الحال.
18- أنصح كل من يستمع إلى المشتهين الكلام في الدين بمطالبته بالبرهان، ولا يكون برهانًا إلا إذا كان معتمدًا موثقًا ثابتًا. والقرآن كلام الله حقيقة، والسنة وحي الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، والصحابة رضي الله عنهم أجمعين بين القرآن والسنة تربوا، غذاؤهم وهواؤهم، وحياتهم عليها ومنهما وما جرى عليه العمل بعد، من سلفنا الصالح، فقل: " قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " فهذا خنجر مسموم في رقبة كل مبتدع محدث في دين الله ما ليس منه.
19- أحذر من فكر السلف الطالح العاق للشريعة الحنيفية المدنس لها، كالخوارج ومنهم الإباضية، والمعتزلة، والجهمية، والجبرية، والقدرية، والمرجئة والأشاعرة، والماتريدية، وغيرهم...فهم سلف سيء، وخلفهم المتبع لهم الملوَّث بفكرهم أسوأ وأضل سبيلًا، ذلك لأنهم يتلونون يخادعون ويلبِّسون، فاحذرهم أن يفتنوك أو يضلوك.
20- وأحذر من الشيعة خاصةً، فإنهم قوم بهت، اخترعوا دينًا غير معروف في دين محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، عقيدة مخترَعة، عبادة مخترَعة...إلخ. وأحذر من الراقصين على سُلَّم التقريب بين الحق والباطل، فإنهم بين الجهل والكذب والخيانة.
21- أحذر من الاغترار بكلمة [سلفي] هكذا مطلقة، لا بد من تقييدها بالصالح، لا سيما في عصرنا هذا، ليخرج بذلك السلف السوء الطالح، ومنهم الخوارج والمعتزلة والمرجئة... إلخ. ومنتحل هذا الوصف، يكشف حاله بالميزان وهو: أن يكون على ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وكفى.
22- أحذر من كثرة الادعاءات، كل من يزعم أنه على الصواب، وغيره على الخطأ، والميزان في ذلك من قوله -صلى الله عليه وسلم-:
1- " فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فقد اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ فقد وَقَعَ في الْحَرَامِ " من حديث النعمان بن بشير ( صحيح ) لم يقل فقد وقع في الحلال!!
2-" فمن يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ( المهديين ) عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار " من حديث جابر عند مسلم
والعرباض عند الأربعة وغيرهم.
3-" تركتكم على البيضاء لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك " من حديث العرباض (حسن).
4-لما سُئل عن علامة الفرقة الناجية من النار، قال " ما أنا عليه وأصحابي " صحيح بطرقه وشواهده. أن تكون على ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان على الوحي، والصحابة له تبع، فهم تربيته -صلى الله عليه وسلم-.
5-" من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد " مسلم من حديث عائشة. " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " في الصحيحين من حديث عائشة.
6- " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " صحيح من حديث الحسن بن علي عند الترمذي والنسائي.
23- أحذر من شرذمة معاصرة تقول: نحن نُلزم بالقرآن والسنة، ولا نُلزم بفهم سلف الأمة. وهذا فكر ضال مضلل مخرِّب، من فكر الخوارج والمعتزلة، وهم رؤوس الضلال في كل زمان ومكان.
24- أحذر من شرذمة معاصرة أخرى تتهكم وتستهزئ من كلمة: الدليل على القول أو الفعل. وهذا فكر كسابقه سواء.
25- أحذر من المميعين لأحكام الدين، والمتلونين فيه، كلاهما مخادع!.
26- أحذر من تقديس المشايخ!!! اعرف الحق تعرف أهله.
27- أحذر من الجري وراء الكثرة " وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " [الأنعام: 116] اعرف الحق تعرف أهله، ولا يهولنك أمر الباطل، وإن كثر، فإن للباطل جولة ثم يتلاشى.
28- أحذر من الشيوخ تربية الكمبيوتر، والورقات المنثورات، وقيل، وحُكي، ورُوي، خفافيش الظلام، حُطَّاب الليل، فإنهم يضلوك أو يفتنوك.
29- أحذر من فوضى الكلام في دين الله عز وجل، ولسوف يُسألون.
30- أحذر من المهونين من شأن الخلاف، المتوسعين المغالين فيه، احذرهم فإنهم يتلاعبون بالأحكام حسبما الهوى.
31- أحذر من القائلين [كل خلاف معتبر]، [لا نكران على المخالف]، [ خذ من الخلاف ما يناسبك]، [هذا قول قال به أحد الأئمة]، وغير ذلك. احذرهم، فإنه طريق ضلال وتخريب وتضييع للهوية ولا شك.
32- أحذر من الاغترار بالمشاهير، وأصحاب التصنيفات الاجتماعية، الذين يتكلمون في الدين بما ليس منه.
33- أحذر من تحكيم العقل في النقل، فإنه طريق المعتزلة، من رؤوس الفرق الضالة عن طريق الحق والهدى، وأحذر من مدرستهم المعاصرة التي أعلنت عن حقيقتها وكشفت عن هويتها.
34- أحذر جمهور الناس، وخاصة من تزيَّن بمظهر السنة من الشائعات، وترويجها وبناء الأحكام عليها، فإنه طريق مذموم حذر منه الشارع الحكيم.
35- وأحذرهم كذلك، والشباب خاصة من الإفتاء بالفتوى، ففرق بين العمل بالفتوى، وبين الإفتاء بها، فالحال بين الإتباع والتقليد، الأول ممدوح والثاني مذموم.
36- احذر أن تكون إمَّعة بقلادة، تنقاد وتُسحب حيث تُقاد وتُسحب، فهذا طريق الانحدار إلى مستنقع التبعية العمياء، وعليه فانتظر الضياع والتفكك والضعف والانكسار، لِمَ ؟ وقد خلقك الله حرًا تتبع بالأصلين القرآن والسنة، وما تفرَّع عنهما من الإجماع، وقول الصحابة رضي الله عنهم، ومن تبعهم بإحسان.
37- أحذر من اعتقاد الترابط والتلازم اللازم بين العلم الحقيقي واللحية وتقصير الثوب، وبين الشهرة الإعلامية، وبينه وبين الاصطلاحيات المعاصرة التي خربت كثيرًا كالدكتور، والأستاذ الدكتور، ورئيس دار كذا، وعضو إتحاد كذا...إلخ. وهذا لا يخفى على من هذا حالهم غالبًا، وإن أخفوه أو تناسوه، وهذا معلوم واضح جلي لأهل العلم الفضلاء، وطلبته النشطاء أهل الحق، اعرف الحق تعرف أهله، ولا سبيل إليه إلا بالعلم.
احفظ هذا واعمل به تنج إن شاء الله:
1- من انتحال المنتحلين، وتزوير المزورين، وتمييع المميعين، وخداع المخادعين في كل زمان ومكان. 2- من الزلل غالبًا.
3- من نقد المترصدين بك الدوائر غالبًا.


مسألة في الأثر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
لما بويع أبو بكر رضي الله عنه، خطب فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " أما بعد، فإني وليت أمركم، ولست بخيركم، ولكنه نزل القرآن، وسن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلِّمنا فعَمِلنا، واعلمن أيها الناس أن أكيَس الكيْس الهدى (التقى )، وأن أعجز العجز ( أحمق الحمق ) الفجور، وأن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه، وأن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ الحق منه، إنما أنا متبع، ولست بمبتدع، فإن أحسنت فأعينوني، وإن زغت فقوموني، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ". هذا هو الأثر زاد فيه القوم المرذول لفظة ( السيف ) ليوافق فجورهم وتعديهم المحظور (1).
وهذا أثر مهمة مسائله، جمع بين العقيدة والسياسة الشرعية، والحنكة الإدارية،
والتواضع، وحسن المعاملة، وإعطاء كل ذي حق حقه، والحث على الاتباع، والتحذير من الابتداع، والجمع بين القول والعمل، مكانة الصحابة ومنزلتهم في التشريع، وأنهم حجة خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهذه عشر مسائل حاد عنها القوم المرذول وتعلقوا بكلمة تأتلف مع جملة الأحاديث والآثار في الباب، ولكنهم صرفوها عن حقيقتها لما رأوها قشة أوَّلوها بأدنى شبهة لتناسب هواهم وزيفهم!!! والتقويم هو التعديل، وإزالة العوج، فبأي شيء يكون ؟ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطه مع جمهور الناس عامة، ومع ولاة الأمور خاصة، ورأسه أن يكون بالحكمة والموعظة الحسنة إن استطاع، ليس غير ذلك أم بالسفه وسوء الأدب والأخلاق ؟ ناهيك عن أن يكون بالسيف كما يرغب القوم المنتحل فكر الخوارج والمعتزلة الأشرار، بالنصيحة أم بالفضيحة، كما يرغب القوم المرذول. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والفقه في الدين، وحسن الاتباع والانقياد.


مسألة في الأثر المكذوب على الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كذب عليه المنتحلون فكر الخوارج والمعتزلة الأشرار فقالوا: خطب عمر قومه فقال: إذا أحسنت فأعينوني وإذا أسأت فقوموني، فقام رجل فقال: لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بسيوفنا، فرد عمر: الحمد لله الذي جعل في أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من يقوِّم عمر بسيفه.
وآخر من الناعقين بالأكاذيب والأباطيل، فهذا عمر كان يرى أن من حق أي فرد في الأمة أن يراقبه ويقوِّم اعوجاجه، ولو بحد السيف إن هو حاد عن الطريق. وهذا كذب وافتراء على الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا أصل له ينظر فيه، وهو من جملة الدسائس في كتب السِيَر والتاريخ، وقد تُذكر بصيغة رُوي، وحُكي، وقيل... مع ذلك لم ينته لها الحطابون خفافيش الظلام، فيتقولون على الشرفاء بالكذب والزور، والله سائلهم في ساحة الحساب، فبماذا يجيبوا ؟!.
والثابت الصحيح عنه حسبما تربى بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبما لا يتعارض مع قوله -صلى الله عليه وسلم- الصحيح، أنه قال لسويد بن غفلة:" يا أبا أمية! إني لا أدري لعلي لا ألقاك بعد عامي هذا، فاسمع وأطع وإن أمر عليك عبد حبشي مجدَّع، إن ضربك فاصبر وإن حرمك فاصبر، وإن أراد أمرًا ينتقص دينك فقل: سمع وطاعة، ودمي دون ديني، فلا تفارق الجماعة". انظره تبعًا التعليق على حديث حذيفة وعبادة بن الصامت.
?
مسألة في حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: إذا رأيت ( رأيتم ) أمتي ( لا تقول للظالم) تهاب الظالم أن تقول له: أنت ظالم فقد تُودِّع منهم.
وهذا من جملة القشات الطائرات في الهواء والعائمات على سطح الماء، والتي تعلق بها المنتحلون فكر الخوارج والمعتزلة الأشرار، وهاك البيان:
منكر: أخرجه أحمد 2/190:189، والعقيلي في الضعفاء 4/90، والحاكم 4/96، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (659)، والبيهقي في الكبرى 6/95، وفي الشعب له (7546) من طريق سفيان الثوري.
وأحمد 2/163، والحاكم في إتحاف المهرة 9/621 /62072، وابن الأعرابي في معجمه (74) من طريق عبد الله بن نمير.
وأحمد 2/190، والبزار في مسنده (2375)، وابن عدي 7/287 أخبرنا يوسف بن موسى.
كلاهما ( أحمد، ويوسف ) ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي.
والترمذي في العلل الكبير (716) من طريق محمد بن فضيل.
والطبراني في الكبير ( الجزء المفقود ط شيخنا سعد الحميد 14351) من طريق سيف بن هارون.
والعقيلي في الضعفاء 4/291:290 من طريق سنان بن هارون. ستتهم ( سفيان
ابن نمير، المحاربي، ابن فضيل، سيف، وسنان ) عن الحسن بن عمرو الفقيمي
عن أبي الزبير محمد بن مسلم عن عبد الله بن عمرو رفعه. وعند العقيلي من طريق
سنان بن هارون البرجمي، قال فيه أبو الزبير: سمعت عبد الله. انفرد سنان بذلك وفيه ضعف فمثله لا يحتمل التفرد بهذا.وأبو الزبير لم يسمع من عبد الله بن عمرو , نقل الترمذي في الكبير له في سؤلاته للبخاري عن سماع أبي الزبير من عبد الله بن عمرو فقال: قد روى عنه، ولا أعرف له سماعًا منه. وقد علق الحاكم صحته على سماع أبي الزبير من عبد الله، نقله عنه ابن حجر في الإتحاف 9/621. وقد جزم ابن معين وأبو حاتم الرازي وابن عدي والبيهقي أن أبا الزبير لم يسمع من عبد الله بن عمرو، وتبعهم ابن القيسراني والبوصيري.وكذا علة أخرى وهي أن أبا الزبير مدلس وعنعن، وقد انفرد سنان بن هارون برواية السماع عند العقيلي، خالف فيها خمسة منهم الثوري وابن نمير، فهي منكرة لا يجوز الاحتجاج بها على تصريحه بالسماع.
وأخرجه ابن عدي 7/288، ومن طريقه البيهقي في الكبرى 6/95، وفي الشعب له (7547) من طريق أبي شهاب ثنا الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبي الزبير عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو رفعه. وهذه مخالفة من أبي شهاب الحناط عبد ربه بن نافع، يهم في روايته، وهذا منها، فقد شذ في هذا الإسناد، فأدخل عمرو بن شعيب شيخًا لأبي الزبير، وقد انفرد بهذا، خالف جماعة منهم الثوري وابن نمير وابن فضيل، فهذا إسناد شاذ منكر.
ومثله: ما أخرجه العقيلي4/290، والطبراني في الكبير ( الجزء المفقود ط شيخنا الحميد 14314) من طريق النضر بن إسماعيل البجلي، والبزار في المسند (2374) من طريق عبيد الله بن عبد الله الربعي. كلاهما ( النضر، وعبيد الله ) أخبرنا الحسن بن عمرو الفقيمي عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو رفعه. والنضر فيه ضعف، وعبيد الله الربعي لم أجده، فهذه مخالفة أخرى، والمعوَّل في الحكم الآن على النضر البجلي، وحاله لا يحتمل الانفراد بمثل هذا عن الثوري وابن نمير وغيرهما... فهو كسابقه.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (7825)، وابن عدي 4/512 كلاهما ( الطبراني، وابن عدي ) ثنا محمود بن محمد الواسطي ثنا زكريا بن يحيى بن صبيح – زحمويه – نا سنان بن هارون عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن جابر فذكره سواء. هذا اختلاف على سنان فقد سبقت روايته عند العقيلي 4/290 من طريق أبي نعيم – الفضل بن دكين – ثقة ثبت، وكانت على الجادة من طريق غيره بالسياق المحفوظ. خالفه زكريا بن يحيى وهو ثقة، وهذه مخالفة من ثقة لمن هو أوثق منه، ولكن الذي يتحمل هذا هو سنان كما سبق، وإنما كنا نتجرأ بتحميل زكريا التبعة في ذلك، ونحكم على روايته بالشذوذ إذا كان شيخه ثقة غير متكلم فيه، وهذا غير وارد فالإسناد كسابقه، ولذا نرى ابن عدي قد استغربه، والدار قطني بعد عرضه في علله، قال في رواية الجماعة عن الحسن الفقيمي عن أبي الزبير عن عبد الله، وهو الصواب، هذا يعني أن غيرها غير صواب.
وخلاصة الكلام أن الحديث من طريق الحسن الفقيمي عن أبي الزبير عن عبد الله ابن عمرو هو الصواب، وهي ضعيفة، فلا حجة فيه بعد للمرتزقة المنتحلين فكر الخوارج والمعتزلة الأشرار، فليبحثوا عن قشة أخرى ليتعلقوا بها، وأنصحهم بالاستيقاظ من النوم قبل أن يجرفهم هادم اللذات، والمرء يبعث على ما مات عليه ويحذركم الله نفسه.
فإن قيل: له شاهد من حديث جابر بن عبد الله من غير الطريق الذي ذكرت.
قلت: لا تفرح كثيرًا، فهذا لا يسرك، فقد أخرجه العقيلي 2/304:303 من طريق عبد الله بن محمد بن المنكدر عن أبيه المنكدر عن جده محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أمتي أبت أن يظلم ظالموها تودع الله منها، وإذا أمتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منعها الله منفعة الوحي من السماء...إلخ ". وإسناده ضعيف لأجل عبد الله بن المنكدر مجهول، ولا يُعرف إلا بهذا الخبر، ولذا قال العقيلي: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به. وقال الذهبي في الميزان 2/508: فيه جهالة، وأتى بخبر منكر، ساقه العقيلي. وذكره ابن حجر في اللسان (4867) وزاد كلامًا.فإن قيل له شاهد آخر من حديث أسعد بن عبد الله الخزاعي.
قلت: أخرجه الحاكم في تاريخ نيسابور كما في الإصابة لابن حجر 1/35، وإتحاف المهرة له 1/352، ومن طريق ابن عساكر في تاريخ دمشق 22/356، وابن الأثير في أسد الغابة1/207 أخبرني خلف بن مسلم بن قتيبة أخبرني جعفر بن لاهز بن قريط عن جده أبي أمه سليمان بن كثير بن أمية بن أسعد بن كثير – هو سعد بن زرارة بن عبد الله – عن أبيه كثير عن أبيه أمية عن جده أسعد بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" أحب الأديان الحنيفية السمحة، وإذا رأيت أمتي..." وهذا إسناد واه. خلف بن محمد ترجم له الخليلي في الإرشاد، وضعفه جدًا، وقال: روى في الأبواب تراجم لا يتابع عليها، وكذلك متونا لا تعرف، سمعت ابن أبي زرعة والحاكم أبا عبد الله الحافظين يقولان: ( كتبنا عنه الكثير ونبرأ من عهدته، وإنما كتبنا عنه للاعتبار ). وموسى بن أفلح وسليمان بن كثير مجهولان، وكثير بن أمية وجعفر بن لاهز لم أجدهما.
وبالجملة، هذا الحديث بالسياق المذكور ضعيف، خالف ظاهره صحيح الأخبار في الباب، والآيات الدالة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، مع جمهور الناس عامة، ومع ولاة الأمور أخص، وعليه، فهو خبر منكر.


مسألة في حديث معاوية رضي الله عنه.
عن أبي قبيل عن معاوية بن أبي سفيان أنه صعد المنبر يوم الجمعة، فقال عند خطبته: أيها الناس إنما المال مالنا، والفيء فيئنا، فمن شئنا أعطيناه، ومن شئنا منعناه، فلم يجبه أحد، فلما كان الجمعة الثانية قال مثل ذلك، فلم يجبه أحد، فلما كان الجمعة الثالثة قال مثل مقالته، فقام إليه رجل ممن حضر المسجد فقال: يا معاوية، كلا إنما المال مالنا، والفيء فيئنا، فمن حال بيننا وبينه حاكمناه [ إلى الله ] بأسيافنا، فنزل معاوية فأرسل إلى الرجل فأُدخل عليه فقال القوم: هلك الرجل، ففتح معاوية الأبواب، فدخل عليه الناس فوجدوا الرجل معه على السرير فقال معاوية للناس: إن هذا الرجل أحياني أحياه الله سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " سيكون أئمة (أمة) من بعدي يقولون فلا يرد عليهم يتقاحمون في النار كما تتقاحم القردة ".
قولهم: يتقاحمون في النار كما تتقاحم القردة. وسياقاته متقاربة، كما سيأتي:
والحديث فيه قصة موقوفة، وفيها محل الشاهد للمعاصرين المنتحلين فكر الخوارج والمعتزلة الأشرار " فقام إليه رجل ممن حضر المسجد فقال: يا معاوية كلا... حاكمناه بأسيافنا، ففرحوا بهذا السياق - الخروج بالسيف على ولي االأمر الظالم الذي منعهم حقهم. وإليك البيان:
الموقوف منه منكر، والمرفوع يُحسن بطرقه تساهلًا على التوجيه في آخر التحقيق.
الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط (5311) ثنا محمد بن علي بن الصباح ثنا
هانئ بن المتوكل الإسكندراني قال: نا ضمام بن إسماعيل، عن أبي قبيل، عن معاوية بن أبي سفيان، رحمه الله قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " سيكون بعدي أئمة، يقولون على منابرهم فلا يرد عليهم قولهم، يتقاحمون في النار كما يتقاحم القردة ".
وإسناده ضعيف. هانئ بن المتوكل: قال ابن حبان: كان يُدخل عليه المناكير، وكثرت، فلا يجوز الاحتجاج به بحال.
وقال أبو حاتم الرازي: أدركته ولم أكتب عنه.هذا يعني أنه غير صالح للرواية عنه، ومع ذلك لم نتكهن أنه متروك أو متهم، ويحمل كلام ابن حبان على أنه انفرد، أما إذا توبع فلا بأس بقبوله.
وشيخه ضمام بن إسماعيل: صدوق يخطئ، وهنا نراه ذكر الخبر مرفوعًا بالسياق المذكور فقط، ولم يذكر القصة الموقوفة التي فيها محل الشاهد للقوم المرذول بفكره المدحور.
وأخرجه الطبراني في الكبير 19/925 ثنا عبد الله بن أحمد، وأبو يعلى (7382)، وابن عدي في الكامل في الضعفاء 5/116 أخبرنا بهلول بن إسحاق. ثلاثتهم ( عبد الله، أبو يعلى، وبهلول ) ثنا سويد ثنا ضمام بن إسماعيل المعافري ختن أبي قبيل على ابنته بالاسكندرية، سمع أبا قبيل، - حي بن هانئ - يخبر عن معاوية بن أبي سفيان وصعد المنبر يوم الجمعة... فذكره بتمامه - موقوفًا ومرفوعًا -. وإسناده ضعيف لأجل سويد بن سعيد الهروي - صدوق، ولكنه صار يتلقن ما ليس من حديثه لما عمي، ولذا أفحش ابن معين القول فيه، وليس بهذه الصورة.
وشيخه صدوق يخطئ، ولذا قال قال ابن عدي في ترجمة ضمام، وقد ذكر له أحاديث - هذا الحديث منها - قال: هذه الأحاديث التي أمليتها لضمام بن إسماعيل لا يرويها غيره، وله غيرها الشيء اليسير، وهذا يعني أنه ينفرد بأخبار لا يتابع عليها.
قلت: ورد من طريق غيره، كما سيأتي لاحقًا.
فائدة: قال أبو يعلى: وجدت في كتابي عن سويد، ولم أر عليه علامة السماع، وعليه " صح " فشككت فيه وأكبر ظني أني سمعته منه عن ضمام عن أبي قبيل.
هذه فائدة مهمة لطلبة العلم المخلصين الناشطين، وفيها تذكير للمنتحلين للعلم والمزورين في النقل.
وأخرجه أبو يعلى (7377) ثنا خليفة بن الخياط ثنا أبو عامر العقدي، والطبراني في الكبير 9/970 من طريق عبد الله بن صالح حدثني الليث. كلاهما ( العقدي، والليث ) ثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:" يَكُونُ أُمَرَاءٌ يقولون فَلا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ، يَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ، يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ".
وعند الطبراني قال محمد بن عقبة: خطب معاوية فتكلم بشيء مما ينكره الناس، فردوا عليه، فسرَّه ذلك، وقال - وذكره مرفوعًا - هكذا مختصرًا.
ومداره على هشام بن سعد المدني يكنى بأبي عباد، صدوق له أوهام، ولذا روى له مسلم في الشواهد والمتابعات.
وأما شيخه محمد بن عقبة، فقد عرَّفه الطبراني بأنه مولى آل الزبير، وعليه فهو أخو موسى بن عقبة، كما ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وحاله صدوق، وبهذا نكمِّل ما غاب عن شيخنا الألباني رحمه الله، حيث قال في الصحيحة (1790) لم أعرفه، ولعل السبب في ذلك أنه لم يقف على الحديث عند الطبراني في الكبير، ولا يبرأ من هذا أحد من البشر، والكمال لله وحده.
وأما الأخ الشيخ حسين أسد في تحقيقه لمسند أبي يعلى، فقد وهم وجعله محمد بن عقبة بن أبي مالك القرظي، وما أدري عن مستنده في ذلك!!.
والخَطْب ليس سهلًا، فإن الأول صدوق يحسن حديثه، والثاني مجهول، يُضعف حديثه، فانتبه تسلم. وأبو قبيل: حي بن هانئ، فقد أدرك عثمان وهو باليمن، وقدم مصر زمن معاوية، وعلى هذا يكون قد عاصره، ولكن هل سمع منه أم لا لم يسجل له الأئمة في الرجال رواية عن معاوية!! وحاله ثقة يخطئ - مات سنة 128 هـ من الثالثة، ومعاوية مات سنة 78هـ عن 82 سنة.
وأما عن سياق الطبراني في الكبير فهو من طريق عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث، وقد ضعف بسبب كثرة خطئه، وقد انفرد هنا بذكر خطبة معاوية - وإن كان بالإشارة. وبهذا يظهر أن القصة الموقوفة على معاوية أتت من طريق ضعيف مخالف لغيره، فهي منكرة بما في الباب ، وهي من جنس ما لفقوه ونسبوه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن جنس ما لا يصح عن أبي بكر كذلك بذكر السيف، وبهذا غرَّق القوم بهذه القشة، فهي لهم من غيرها أم أنهم يفيقوا من غفلتهم ويرجعوا عن كبرهم وعنادهم، فإن العار خير من النار.
وأما المرفوع: فيمكن تحسينه بطرقه تساهلًا، بشرط أن يكون محمد بن عقبة مولى آل الزبير وأبو قبيل سمعاه من معاوية، وإلا فقد تأكد ضعفه مرفوعًا كذلك.
والغريب جدًا أن الأخ الشيخ حسين أسد، وبعد كل ما ذكر فقد تعامل مع الحديث بطريق الإسناد فقط، ولم يتعامل بطريق العلل، وهو الغاية - كما ظهر لنا - فقد حسَّن إسناد أبي يعلى (7377) وصحح إسناده برقم (7382) كلاهما منه أغرب من الآخر!! وإنما أشرت بذلك لكي لا يغتر به شيوخ الكمبيوتر والمنفردون بالقراءة في المصادر العالية عنهم، وفيما لم يحصلونه بعد!!! ومع هذا، فالنص بين حالتين:
- إما أن يؤول مع أحاديث الباب السابق ذكرها وهي في الصحيحين وغيرهما، وذلك من وجوه:
1- أنه من علامات النبوة.
2- فيه النصيحة لولاة الأمور وإن ظلموا وجاروا.
3- فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر برفق ولين، ومع ولاة الأمور أخص.
بقرينة قوله -صلى الله عليه وسلم-:" تعرف منهم وتنكر، فمن أنكر فقد برئ، إلا من رضي وتابع ".
4- فيه التحذير من ظلم وجور ولي الأمر لرعيته. وإلا - وهي الحالة الثانية - فهو شاذ لمعارضته ما في الباب من صحيح الأخبار والآثار السابق ذكرها في بابها.

مسألة في حديث عبد الله بن عباس مرفوعًا: " سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر، فنهاه وأمره، فقتله " (2).
هذا من جملة النصوص التي تلاعب بها الشيطان مع القوم الجاهلين المنتحلين فكر الخوارج والمعتزلة الأشرار.
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (4079) من طريق سعيد بن ربيعة، وأبو بكر الجصاص في أحكام القرآن 2/43 من طريق أبي عمارة.
كلاهما ( سعيد، وأبو عمارة ) عن الحسن بن رُشيد عن أبي حنيفة، قال: حدثني عكرمة عن ابن عباس رفعه.
وعند الجصاص: قال أبو حنيفة: أنا حدثت إبراهيم الصائغ عن عكرمة عن ابن عباس...وذكره.
وإسناده ضعيف لجهالة الحسن بن رُشيد، تأتي البواطيل والمناكير من طريقه، وضعف أبي حنيفة.
وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد 13/54 من طريق أبي حاتم أحمد بن زرعة ثنا الحسن بن رُشيد ثنا مقاتل عن أبي حنيفة به، كسابقه.
وهذا اختلاف على الحسن بن رُشيد، وزاد فيه أبا مقاتل حفص بن سلم السمرقندي، وهو أحد التَلْفى. فإن قيل روي من حديث جابر بن عبد الله، كذلك.
قلت: لا تفرح به، فقد أخرجه الحاكم 3/195 من طريق رافع بن أشرس المروزي ثنا حُفَيْد الصفار عن إبراهيم الصايغ عن عطاء عن جابر مرفوعًا كسابقه وإسناده ضعيف كذلك لجهالة رافع وشيخه حُفيْد.
وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 6/53 وفي موضح أوهام الجمع والتفريق له 1/371 من طريق إبراهيم بن عيسى عن أحمد بن شجاع المروزي.
وأخرجه في تاريخه أيضًا 6/376 من طريق أبي العباس إسحاق بن يعقوب العطار ثنا عمار بن نصر – السعدي -.
كلاهما ( أحمد، وعمار ) ثنا ( عن ) حكيم بن زيد ( الأشعري ) عن إبراهيم الصائغ عن عطاء عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " أفضل الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب، ثم رجل قام إلى إمام جائر، فأمره ونهاه، فقتله " سياق عمار.
" خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام فأمر ونهى فقُتل على ذلك " سياق ابن شجاع.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (918) ثنا أحمد – ابن يحيى الحلواني – نا عمار بن نصر نا حكيم بن زيد عن إبراهيم عن عكرمة عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الشهداء عند الله حمزة بن عبد المطلب " هكذا دون محل الشاهد.
هكذا اختلف في إسناده على عمار بن نصر، وعكرمة هو القرشي مولى ابن عباس رضي الله عنه، فرواه عنه إسحاق بن يعقوب العطار، وهو ثقة، وتابع أحمد بن شجاع عمارًا بذكر عطاء عن جابر، ولكن لا أدري عن حال ابن شجاع، فلم أقف على ترجمته.
وخالفهما أحمد بن يحيى الحلواني، وهو ثقة فرواه عن عمار، وذكر عكرمة عن جابر.
وفي نظري، هذا لا يضر، فإن إبراهيم بن ميمون الصائغ روى عن عطاء و عكرمة، وهما ثقتان.
ولكن الإشكال في حكيم بن زيد المروزي، ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وذكر أنه يروي عن إبراهيم الصائغ وأبي إسحاق، وذكر عن أبيه قوله: صالح ( شيخ ). وهذا لا يغاير ما ذكره الذهبي في الميزان، وتبعه ابن حجر في اللسان، حيث فرقا بين حكيم بن زيد حيث عُرف بروايته عن أبي إسحاق السبيعي. وحكيم بن يزيد حيث عُرف بروايته عن إبراهيم الصائغ. والأول صالح والثاني متروك.
والرواية قد ثبتت على ذكر الأول، وأكدها قول أبي حاتم، فيتعين المصير إليها.
ولكن بقي قول أبي حاتم: صالح – شيخ – وهذا يعني في المتابعات والشواهد، وإلا ففيه لين.
وإبراهيم الصائغ صدوق حسن الحديث لا يُعرف بالتدليس ولا تسوية، فلا يضير أن أبا حنيفة حدثه به. وعلى كل حال، هذا أسلم طرق الحديث، وفيه لين.
فإن قيل له شاهد ثالث من حديث أبي عبيدة بن الجراح قال: قلت يا رسول الله:
أي الشهداء أكرم على الله ؟ قال:" رجل قام إلى أمير ( والٍ ) جائر ( جبار ) فأمره بمعروف ونهاه عن منكر فقتله ".
أخرجه البزار في البحر الزخار (1285)، وكشف الأستار (3314)، والطبراني في مسند الشاميين (3541)، والطبري في تفسيره (6777) (آل عمران آية 21)، وابن أبي حاتم في تفسيره (3332). من طريق محمد بن حمير ثني أبو الحسن [ مولى بني أسد ] عن مكحول عن قبيصة بن ذؤيب عن أبي عبيدة بن الجراح...ذكره مختصرًا على ما ذكرت – عند الطبراني – وعند غيره مطولًا، وفيه محل الشاهد. وإسناده ضعيف لجهالة أبي الحسن مولى بني أسد.
تنبيه: قد أعرضت عن بعض الطرق التي لم تذكر محل الشاهد، وهي بين الضعيفة، والضعيفة جدًا.
وخلاصة القول فيه: أنه يحسن لغيره تساهلًا، ومن أطلق ضعفه فله ذلك. وتوجيهه لا يخرج عن نطاق ما ذكرته مرفوعًا وموقوفًا ومقطوعًا، في ظل ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عامة، ومع الإمام ولي الأمر خاصة، وحاله بين حالتين:
الأولى: أن يقدر الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر على نصح ولي الأمر بالحكمة والموعظة الحسنة، فله ذلك، بشرط ألا يحصل منه ضرر أكبر مما يريد إصلاحه، لأن ما يقوم به مظنة الفائدة المرجوة، فحيثما غلب على أمره تبعه.
الثانية: أن لا يقدر على نصحه، ويخشى بطشه وجبروته وطغيانه، فلا يلزمه
ذلك خشية وقوع الضرر المحقق، وهذه كسابقتها من حيث مظنة عدم الفائدة. ويجمعهما حديث أم سلمة عند مسلم وغيره، وهو من جملة أحاديث الباب السابق ذكرها، قال -صلى الله عليه وسلم-: " إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ ".
قوله:" فمن كره " يعني بقلبه، فقد برئ من الإثم، ومن أنكر يعني بحسب قدرته، فقد سلم من الإثم. والحالة الثالثة من النص هي غير مرادة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "وَلَكِنْ مَنْ رضي وَتَابَعَ " يعني من غير ما سبق في الحالتين المذكورتين، فهو إثم. والحديث نهى عن الخروج عليه بأي حالة كما يتبين ذلك مرات في ظل ما ذكرت. فمن التزم شرع الله في معاملته مع ولاة الأمور العصاة بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق واللين في التوجيه والإرشاد وتقويم الاعوجاج، فابتلي في ذلك، فهو مبتلًا في طاعة الله ورسوله، ومن خالف الطريق وتعامل معهم بسوء الأدب ومجاوزة الحد، فابتلي في ذلك، فلا يظن أنه مبتلًا في طاعة الله ورسوله، ناهيك أن يكون شهيدًا!!.
افهم هذه واحفظه تسلم من فكر المنتحلين فكر الخوارج والمعتزلة الأشرار، وإلا ستدخل معهم في جحر الضب، والبئر المسكون بخفافيش الظلام والأفاعي المسقطة للأحمال، حفظنا الله من سوء الأفهام ومخالفة شريعة الرحمن.
====
(1) الحديث حسن. أخرجه أبو عبيد في الأموال (8)، وابن سعد في الطبقات 3/182-183 من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن أبي بكر.
وأخرجه أبو عبيد في الأموال (9) وأبو داود في الزهد (31) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم ( أو غيره ) عن أبي بكر.
وأخرجه الدينوري في المجالسة (1289) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه 30/302 بإسناده عن مجالد عن الشعبي قال: لما بويع أبو بكر رضي الله عنه... وإسناده ضعيف لأجل مجالد بن سعيد، والانقطاع بين الشعبي وأبي بكر.
والدينوري (1290) ومن طريقه ابن عساكر 30/302 بإسناده عن عبد الله بن عكيم قال:
لما بويع أبو بكر رضي الله عنه... وذكره، وإنما اختلف في سماع عبد الله بن عكيم من النبي
-صلى الله عليه وسلم-، وعليه فلا يبعد معاصرته لمبايعة أبي بكر الصديق وهو ممن روى عنه في كتب الرجال،
وعليه فإسناده عندي صحيح.
(2) يحسن لغيره تساهلًا، ومن ضعَّفه قلة، ذلك وانظر خاتمته في توجيهه.


كتبه / صبري عبد المجيد
25 / شوال /1433هـ

جواب السؤال صوتي
   طباعة 
جديد الفتاوى
روابط ذات صلة
الفتوى السابق
الفتاوى المتشابهة الفتوى التالي
اتصل بنا :: اخبر صديقك :: سجل الزوار :: البحث المتقدم :: الصفحة الرئيسية